إلى حدود
منتصف الثمانينات كانت بعض الأسر الوجدية تبحث عن زوجات لأبنائها
إما في أوساط العائلة أو عن طريق الأقارب والجيران، حتى أن بعض
الأمهات الوجديات اخترن زوجات أبنائهن في الحمام التقليدي إذ تذهب
الأم إلى الحمام وكلها أمل في العثور على زوجة مناسبة لابنها، وإن
وقع الاختيار على إحداهن، تدرس الأم تحركاتها وتزن جيدا حسنها
وقدها، بعد ذلك تقترب منها لتسألها عن اسمها، عمرها وأحوال عائلتها
ومحل سكناها، لتتأكد من حسبها ونسبها. تقصد والدة الشاب مصحوبة
بجدته أو إحدى قريباتها المقربات منزل الفتاة، دون أن يبدي الابن
رفضا أو امتعاضا من قرار والدته ثقة منه في اختيارها، تذهب الأم
حاملة معها لوازم الخطوبة من سكر وشاي وحناء...تطرقن باب العروس
وبعد إلقاء التحية تبادر والدة العريس بالقول "ضياف ربي" فتجيب
صاحبة المنزل "مرحبا" تدخل النسوة وبعد التعارف تبلغن رغبتهن في
المصاهرة وطلب يد ابنتهم الشابة، والتي غالبا ما كان سنها أقل أو
لا يتعدى 16 سنة، فتجيب والدتها بأن القبول أو الرفض من اختصاص
"مول الدار"، وبعد التشاور يرسل الجواب بالموافقة، فيلتقي الرجال
للتفاهم حول المسائل المادية (المهر، الذهب...)، كان المهر
"الصداق" يصل في أوساط الميسورين إلى 10000 درهم وخاتمين و"شريتلة"
مكونة من 7 دمالج من الذهب، وبعد قراءة الفاتحة يتم تحديد موعد
"حَنَّة الثبات" وهو عشاء بسيط يجمع العائلتين يتم خلاله تحديد
موعد الزفاف الذي غالبا ما يكون بعد 3 أشهر على الأكثر، كل ذلك دون
أن يتسنى للعروسين رؤية بعضهما البعض إلا على الصور في بعض
الأحيان. وبعد عقد القران تنطلق مراسيم العرس التي كانت تدوم إما
سبعة أيام أو ثلاثة حسب الإمكانيات المادية للأسرة.
تبدأ مراسيم الزواج بـ"الحمام" حيث تكتري العروس حماما عموميا
تقصده رفقة صديقاتها وبنات العائلة وتدخله بالشموع والزغاريد
وترديد بعض الأهازيج المعروفة في مثل هذه المواقف. في اليوم
الموالي يحضر أهل العريس "الدْفُوع" يضم كبش أو كبشين ولوازمه،
بالطبل والزغاريد تستقبلهم عائلة العروس بالمثل وتقدم لهم وجبة
مكونة من "السفة" (المحضرة من الكسكس) مصحوبة بالشاي وهي الأكلة
التي كانت وماتزال تقدم يوم "الدْفُوع" بمدينة وجدة وبعض مدن الجهة
الشرقية وبعدها يغادر أهل العريس. خلال هذا اليوم تكون العروس
منهمكة في تزيين رجليها ويديها بالحناء إما منقوشة أو عادية محاطة
بصديقاتها وبنات العائلة اللواتي لا يفوتن الفرصة لتزيين أيديهن أو
على الأقل يد واحدة بحناء العروس تفاؤلا بقدوم أزواج لهن.
اليوم الثاني يحضر أهل العريس الحناء على أنغام "الغايطة" إلى منزل
العروس ويتشارك الجميع وجبة عشاء مكونة من اللحم والبرقوق المجفف
والبيض والمشروبات الغازية والفواكه، قبل انطلاق السهرة في فناء أو
سطح المنزل بعد تزيينه بالورود والبالونات من طرف شباب الأسرة حتى
يليق بمستوى العروس وأهلها بحضور الأهل والأحباب وتحيي السهرة فرقة
نسوية يطلق عليها "الطبالات" كفرقة السيدة قضية، أو لالة الشريفة
أو فتيحة الطبالة، وهي من الفرق التي داع صيتها في ذلك الوقت.
أما أهم يوم في العرس فيكون هو اصطحاب العروس من قبل عائلة العريس
بفستانها الأبيض (ثوب زفاف أو "بلوزة" بيضاء أو تكشيطة بيضاء) إلى
بيت الزوجية مباشرة بعد صلاة العشاء تسبقها بعض النسوة من كبار
العائلة بـ "شِوارَها" المكون من ملابس مختلفة وذهب وأدوات الزينة
والأفرشة وبعض الأواني يؤخذ إلى بيت الزوجية وترتب الأمور في
انتظار حضور العروس مباشرة بعد وصولها تدخل إلى غرفتها مرفقة
بوزيرتها بينما يقضي "مولاي السلطان" وقته في الاستمتاع بأنغام
الموسيقى والرقص مع أصدقائه على نغمات "الجوق" الذي يتكون من فرقة
موسيقية ومطرب إلى حدود منتصف الليل، فيزف إلى غرفته بالزغاريد
والأغاني حيث سيتعرف لأول مرة على المرأة التي ستشاركه ويشاركها
حياتها، في حين يبقى الترقب سيد الموقف خارج غرفة الزوجية وتسود
حالة من الصمت لا ينجح في اختراقها سوى تسلم عائلة العروس ذلك
الدليل على شرف وعفة ابنتهم فيشهرونه في وجه الحضور وتنطلق الحناجر
مكسرة سكون الليل بالزغاريد وترديد بعض الأغاني تعبيرا عن فرحتهم
وابتهاجهم بابنتهم التي "حَمْرَتْ وْجَهُمْ" ثم تنتهي السهرة. في
الصباح يقدم الزوج لزوجته "تصبيحة لعروسة" وهي هدية يكون قد أحضرها
من قبل والتي غالبا ما تكون من الذهب ليسلمها إياها تعبيرا منه عن
رضاه وسعادته بعروسه. وفي فترة بعد الظهر تحضر والدة العروس ما
يطلق عليه بـ "الگصعة" مكونة من اللحم والبرقوق والبيض أو الكسكس
"الطعام" باللحم والخضر، ويقام حفل "التقييل" تحضره عائلة العريس
وما تبقى من الضيوف وأفراد عائلة العروس الحفل تنشطه الطبالات،
ويتم تقديم الشاي مع مختلف أنواع الحلويات في الوقت الذي تكون فيه
العروس وهي في كامل زينتها تقوم بتغيير وعرض ملابسها الجميلة من
منسوج وكاراكو وبلايز وتكاشط... بدون حزام، ولا ينتهي الحفل إلا
بعد أن يدخل شقيق الزوج ويقوم بوضع الحزام حول خاصرة العروس وهي
عادة دأبت عليها الأسر بمدينة وجدة ونواحيها منذ القدم ومازال
البعض يحافظ عليها لحد الآن تيمنا بأن تنجب العروس ذكورا. وقد كانت
العروس تأخذ معها هدية لحماتها عربون محبة لكسب رضاها وودها وقد
كانت الهدية في الغالب تتكون من منديل وبلغة و"بلوزة وجلطيطة" كما
يطلق عليها بوجدة.
أما الأسر البسيطة بالمدينة فكانت تكتفي بيوم واحد في إتمام مراسيم
العرس وهي عادة مازالت متداولة في أوساط الأسر المتواجدة ببوادي
الجهة الشرقية.
لم تختلف هذه العادات كثيرا بمدينة وجدة، فقط أدخلت عليها بعض
المظاهر الحديثة، وأصبح الزواج يتم بالاتفاق بين الطرفين المعنيين
والعائلة تهتم بالمراسيم، فبعد الخطوبة يقام "لَمْلاكْ" وهو حفل
إما يكون بسيطا أو مترفا حسب الإمكانيات المادية للأسر تحضره
العائلتين وبعض الأقرباء حيث تتعارف العائلتين أكثر ويلبس العروسان
الخواتم وتأخذ لهم صور تذكارية وسط الزغاريد وأنغام الموسيقى،
ويبقى موعد عقد القران رهين بالخطيبين معا فهناك من يؤجله إلى أن
يحين موعد العرس وهناك من يعجل به إما بضغط من عائلة العروس أو
توافق بين العروسين معا.
فالتنافس والتباهي والمغالاة في إحياء أعراس أبناء ميسوري الحال
بتقديم أغلى المهور وصرف أكبر قدر من الأموال في أفخم القاعات
وركوب أحدث موديلات السيارات وارتداء ثوب زفاف شبيه بأثواب نجمات
السينما، جعل الكثير من أبناء الطبقة المتوسطة، وأمام هذا الزحف
اللامتناهي لمظاهر البذخ، يمضون سنوات في الادخار ويلجؤون إلى
الاقتراض من الأبناك لتكتمل فرحتهم بإقامة حفل زفاف على الطريقة
الحديثة ودفع مبالغ باهظة من أجل كراء قاعة مع أنه يملك بيتا يسع
العائلة والأحباب وتسليم أمور تزيين القاعة بأفخم الطاولات
والكراسي والمأكولات التي تصل حد شواء الخرفان "لَمْصَوَّرْ"
والبسطيلة ومختلف أنواع الفاكهة والمشروبات والحلويات لممول حفلات
يتكلف بـ"الشادة والفادة"، واستخدام موزعين بزي موحد وابتسامة
عريضة، والاستعانة بأشهر "الأوركيسترات" بالمدينة لإحياء ليلة
الفرح تقدم مزيجا من أغاني الراي والشعبي والشرقي ولم لا حتى
الغربي، ترتدي العروس أكثر من لباس في ليلة العرس (المنسوج والشدة
التلمسانية، الكاراكو، الأميرة، اللباس الفاسي، اللباس الشمالي،
الأمازيغي، الهندي...) يصاحبها العريس مع كل تغير في نوع اللباس
إلى الغرفة المخصصة لذلك على أنغام "الدقة المراكشية" و"النكافة"
تسير بجوارها والقاعة ترد صدى الصوت الذي حباها الله به وهي تردد "الصلا
وسلام" بتلك النغمة التي لا يحسنها سواها. تستمر السهرة بكل
مظاهرها إلى بزوغ الفجر فتظهر العروس بثوبها الأبيض في آخر طلة لها
على المدعوين قبل أن ينطلق العروسان لاستكمال "ليلة العمر" بأحد
الفنادق الفخمة يعقبها الاستمتاع برحلة شهر أو أسبوع عسل حسب
الإمكانيات المادية للعروسين والتي غالبا ما تكون قد تدهورت بعد كل
ذلك البذخ الذي صاحب احتفالهم بليلة العمر، فيعودا لتنطلق المعاناة
مع تسديد الديون. يسبق يوم العرس إحضار "الدفوع" الذي أصبح يتطلب
إحضار عجل بدل كبش وحفل بمنزل العروس لنقش الحناء ويوم الزفاف تلبس
ثوبها الأبيض بعد التزين في انتظار قدوم العريس في موكب من
السيارات ليصطحبها بعد التقاط صور تذكارية وتسجيل أشرطة فيديو وسط
الرقص والأغاني لينطلق الموكب تتصدره سيارة العروسين المزينة
بالورود في جولة عبر شوارع المدينة وأخذ صور تذكارية في مدخل حديقة
لالة عائشة أو ساحة 18 مارس قرب محطة القطار بوجدة، قبل أن تظهر
خلال الموسم الماضي سيارة الليموزين البيضاء تجوب بعض شوارع
المدينة بحثا عن العرسان الجدد الذين سيدفعون مبلغا قد يصل إلى
10000 درهم لتجوب بهم الشوارع الكبرى بالمدينة إلى حدود القاعة حيث
تقام السهرة.
ومن المظاهر التي بدأت تطفو إلى السطح في الآونة الأخيرة نجد أيضا
ما يطلق عليها بالأعراس الدينية تحييها فرق الإنشاد والمديح تدوم
ثلاث أيام وبعد نهاية العرس لا تقوم العروس بأي شغل مدة أسبوع،
ويقوم العروسان بالسفر لقضاء بعض الوقت مع بعضهما.
تتضارب آراء شباب المدينة حول طريقة الزواج ففي الوقت الذي يحبذ
فيه البعض العودة إلى الطريقة التي تزوجت بها أمهاتهم وجداتهم ما
عدا عدم رؤية الطرفان لبعضهما البعض إذ أضحت مسألة جمال وحسن
العروس مطلبا ملحا لدى شباب اليوم، يرى البعض الآخر أن يختار شريكة
حياته أو شريك حياتها بنفسها، أن يتفاهما حول الصغيرة قبل الكبيرة
بدءا بالتعارف والخطوبة مرورا بـ"لمْلاك" إلى العرس إلى نوع ولون
السيارة التي سيركبانها إلى القاعة التي ستضم سهرة ليلة العمر ويجب
أن تكون مختلفة عن القاعة التي ضمت عرس فلانة وفلان إلى عدد
الطبقات التي سيحتويها قالب الحلوى، إلى...إلى... ومن هؤلاء الشباب
من يتجول بحثا عن رفيقة العمر وهو لازال لصيقا بظل والديه يمدانه
بمصروف يومي، أما السواد الأعظم من شباب المدينة فلم يعد يحلم حتى
بعروس قادمة إليه مشيا على الأقدام عسى الحلم بركوب الليموزين رفقة
عروسه.
بقلم موقع ياقوت
لأجلك سيدتي : الموقع الذي يهتم بجمالك ، رشاقتك ، آخر صيحات الموضة ، مطبخك و أخبار الفنانين و المشاهير
4 التعليقات:
اول لباس ليس مغربي بل جزائري
وتستمر سرقة الثرات وكل ما هو مغربي أصيل من طرف دولة بعمر 58 سنة !! ربما نسمع غذا ان "صلاة المغرب " في الأصل جزائرية تمت سرقتها من طرف المغرب
لو كان حقا مغربي لما وضعت صورة الممثلة الجزائرية شهرزاد كراشني لو تضنون ان الدولة يبدا تاريخها بعد استقلالها فلدي خبر سيء لك لان هناك مليلية و سبتة مازالت تحت الحكم الاسباني و ان كنتم حقا على دراية بالتاريخ الجزائري لما تجرأت اصلا التحدث عنها لو كنت حقا تعرف التاريخ سوف تعرف السبب السيء التي استخدمته فرنسا كعذر للاحتلال و رجاءً كفاكم استهزاء بالدين "وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ"
لباس تقليدي قسنطينة جزائري ، كفى سرقة
إرسال تعليق